طرق التعفف عن الحرام



موقع اقرأ نت


ان العلم بحرمة ارتكاب الفواحش من زنا ولواط وغيرها يكفي للابتعاد عنها لان شأن المسلم الامتثال لأوامر الله تعالى واجتناب نواهيه لقوله تعالى: (ومَا كان لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضى اللهُ ورسولهُ أمراً أن يكون لهم الخيرةُ من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضلَّ ضلالاً مبينا).

لكن هذا لا يمنع من اقتراح بعض الوسائل التي تُساعد أبناء المسلمين على التعفف وتهذيب الشهوة وتقويمها والابتعاد عن المعاصي والكبائر التي تؤدي الى الهلاك والعذاب الأليم.

> غض البصر عن المُحرمات: وفي غض البصر عن المحرمات فوائد كثيرة ذكرها الامام ابن القيم الجوزية _رحمه الله _ في معظم كتبه منها:

1_ انه امتثال لأمر الله تعالى الذي هو غاية سعادة العبد في معاشه ومعاده.

2_ حلاوة الايمان ولذّته التي هي أحلى وأطيب وألذ مما صرف بصره عنه وتركه لله تعالى فان من ترك شيئا لله عوّضه الله خيرا منه والنفس مولعة بحب النظر الى الصور الجميلة والعين رائد (رسول) القلب فالقلب يبعث رائده لينظر ما هناك فاذا أخبره بحسن المنظور اليه وجماله تحرك اشتياقاً اليه وكثيرا ما يتعب ويُتعب رسوله ورائده.

3_ تخليص القلب من ألم الحسرة فان من أطلق نظره دامت حسرته فأضر شيء على القلب ارسال البصر فانه يُريه ما يشتدُّ طلبه ولا صبر له عنه ولا وصول له اليه وذلك غاية ألمه وعذابه.

4_ يورث القلب نورا واشراقا يظهر في العين والوجه وفي الجوارح كما أن اطلاق البصر يورث ظلمة تظهر في وجهه وجوارحه ولهذا والله أعلم ذكر الله سبحانه آية النور في قوله تعالى: (الله نورُ السماواتِ والارض) عُقيب قوله (قُل للمؤمنينَ يغضُّوا من أبصارهم).

5_ يفتح له طرق العلم وأبوابه ويُسهل عليه أسبابه وذلك بسبب نور القلب فانه اذا استنار ظهرت فيه حقائق المعلومات وانكشفت له بسرعة ونفذ من بعضها الى بعض ومن أرسل بصره تكدّر عليه قلبه وأظلم وانسدّ عليه باب العلم وطُرقه.

6_ يورث القلب سروراً وفرحاً وانشراحاً أعظم من اللذة والسرور الحاصل بالنظر وذلك لقهره عدوه (شيطانه) بمخالفته ومخالفة نفسه وهواه.

7_ يُخلّص القلب من أسر الشهوة فان الأسير هو أسير شهوته وهواه.

8_ يُخلّص القلب من سُكر الشهوة ورقدة الغفلة فان اطلاق البصر يوجب استحكام الغفلة عن الله والدار الآخرة ويوقع في سكرة العشق كما قال الله تعالى (لعمرك انهم في سكرتهم يعمهون) فالنظرة كأس من خمر والعشق هو سكر ذلك الشراب وسكر العشق أعظم من سكر الخمر فإن سكران الخمر يفيق من سكرته وسكران العشق قلّما يفيق إلا وهو في عسكر الأموات.

> الابتعاد عن المثيرات الجنسية: مما لا يختلف فيه اثنان أن المجتمع الذي نعيش فيه يعج بالمفاسد والمُغريات ويتخبّط بالانحلال والفجور... ولا شك أن الشاب حين يجري وراء هذه المُثيرات والمفاتن ويتيه في حمأة الرذيلة والفاحشة... فانه يتأثر _ولا شك _ خُلقيا وينحرف سُلوكياً ويكون كالحيوان شهوة وانطلاقاً...

فما على المربين إلا أن يقوموا بدور النصح وواجب التنبيه والتحذير تجاه من لهم في أعناقهم حق التوجيه والتربية حيث يهمسون في آذانهم أن النظر الى النساء الكاسيات العاريات المتبرجات... وأن قراءة القصص الغرامية والمجلات الخلاعية التي يقوم على ترويجها تجار الغرائز والشهوات من يهود وتلاميذهم... وأن السماع الى الأغاني الخليعة الماجنة التي تبثها أمواج الاثير في كل مكان...

> استشعار خوف الله تبارك وتعالى:
من المُسلم به أن الشاب حين يستشعر من أعماق وجدانه أن الله سبحانه وتعالى يراقبه ويعلم سرّه ونجواه ويعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصدور... وأنه سيحاسبه أن قصّر وفرّط ويعاقبه ان انحرف وزلّ ولا شك أنه سينتهي عن المعاصي والموبقات ويكفّ عن المنكرات والفواحش...


> الأخذ بالتعاليم الطبية:
إن مما ينصح به علماء الصحة والطب في التخفيف من سلطان الغريزة وجموح الشهوة هو ما يلي:

1_ الأكثار من الحمامات الباردة في موسم الصيف.

2_ الأكثار من الالعاب الرياضية والتمارين الجسمية.

3_ تجنب الاطعمة المحتوية على بهارات وتوابل لكونها مثيرة ومُهيجة.

4_ الاقلال ما أمكن من المُنبهات العصبية كالقهوة والشاي.

5_ عدم الاكثار من اللحوم الحمراء والبيض.

6_ عدم النوم على الظهر أو البطن بل السُنة أن ينام على شقه الايمن مُستقبلا بوجهه القبلة.



> ملء الفراغ بما ينفع: يُقرر علماء النفس والتربية أن الولد اذا اختلى الى نفسه وقت فراغه ترد عليه الافكار الحالمة والهواجس السارحة والتخيلات الجنسية المثيرة... فلا يجد نفسه _ان كان مراهقا أو شابا _ إلا وقد تحرّكت شهوته وهاجت غريزته أمام هذه الموجة من التأملات والخواطر...

فعندئذ لا يجد بُداً إلا أن يلجأ الى العادة السرية ليخفف من طغيان الشهوة ويحد من سلطانها.
إذاً ما العلاج للتخلص من سوانح الخواطر وشرود الخيال حتى لا يقع في هذه النتائج الوخيمة والعواقب الاليمة...؟


> العلاج: أن يعرف الفتى كيف يقضي وقته ويملأ فراغه؟

وما أكثر هذه المجالات التي يقضي فيها الوقت ويملأ الفراغ!!
إما برياضة بدنية يقوي بها جسمه أو نزهة بريئة مع رفاق مؤمنين يروح بها عن نفسه أو مطالعة مفيدة يكمل بها علومه أو عمل يدوي ينمي به ميوله أو حضور درس ديني توجيهي يُهذّب خُلُقه أو مباراة ثقافية يُروض بها عقله أو تمارين على الرمي ووسائل الجهاد يعد بها نفسه... الى غير ذلك من هذه المجالات النافعة التي تُغذي الفكر وتُهذب الروح وتقوي الجسم وتسمو بالخلق!!

> الرفقة الصالحة: من أهم ما ينبغي أن يحرص عليه الأب تجاه ولده أن يختار له رفقاء صالحين مأمونين يُذكّرونه إذا نسي وينصحونه إذا انحرف ويُعينونه إذا انصلح ويواسونه إذا أصابته أحداث ونوازل!!

وقد يقال: إنّ هؤلاء الرفقاء المعنيين قليلون ولا سيّما في هذا الزمان الذي عزّ فيه الصديق المُخلص والرفيق المؤمن... نعم نُسلّم أنهم قلّة ولكن هذه القلة متوفرة في كل مكان يُعرفون بسيماهم من أثر السجود ويُميّزون بأخلاقهم العالية وبنهجهم المستقيم فما أجدر الشاب أن يبحث عنهم ليكونوا له السند في الملمّات والعون على مفاسد الحياة ومفاتنها والبطانة الخيرة التي يثق بها ويأوي اليها ويعتمد عليها...

> صوم النفل: أمر الرسول عليه السلام من كانت عنده ظروف قاهرة تمنعه من الزواج في سن مُبكرة أن يصوم صيام النفل لما للصيام من تخفيف لغلواء الشهوة وكسر لحدّة الشهوة وتقوية لمعنى المراقبة لله.



> تقوية الوازع الديني في النفس وتكون بالامور التالية:

1_ اجلال الله تبارك وتعالى أن يُعصى وهو يرى ويسمع، ومن قام بقلبه مشهد اجلاله لم يطاوعه قلبه لذلك البتة.
2_ مشهد محبته سبحانه فيترك معصيته محبة له، فان المحب لمن يحب مطيع، وأفضل الترك ترك المحبين، كما أن أفضل الطاعة طاعة المحبين، فبين ترك المحب وطاعته وترك من يخاف العذاب وطاعته بون بعيد.

3_ مشهد النعمة والاحسان، فان الكريم لا يُقابل بالاساءة من أحسن اليه، وأنما يفعل هذا لئام الناس، فيمنعه مشهد احسان الله تعالى ونعمته عن معصيته حياء منه أن يكون خير الله وانعامه نازلا اليه ومخالفاته ومعاصيه وقبائحه صاعدة الى ربه، فملك ينزل بهذا وملك يعرج بذاك فأقبح بها من مُقابلة!

4_ مشهد الغضب والانتقام، فان الرب تعالى اذا تمادى العبد في معصيته غضب، واذا غضب لم يقم لغضبه شيء، فضلا عن هذا العبد الضعيف.

5_ مشهد الفوات، وهو ما يفوته بالمعصية من خير الدنيا والآخرة، وما يحدث له بها من كل اسم مذموم عقلا وشرعا وعُرفا ويزول عنه من الأسماء الممدوحة شرعا وعقلا وعُرفا، ويكفي في هذا المشهد مشهد فوات الايمان الذي أدنى مثقال ذرّة منه خير من الدنيا وما فيها، فكيف أن يبيعه لشهوة تذهب لذّاتها وتبقى تبعتها، تذهب الشهوة وتبقي الشقوة.

6_ مشهد القهر والظفر، فان قهر الشهوة والظُّفر بالشيطان له حلاوة ومسرة وفرحة عند من ذاق ذلك، أعظم من الظفر بعدوه من الآدميين وأحلى موقعا وأتم فرحة، وأمّا عاقبته فأحمد عاقبة، وهو كعاقبة شرب الدواء النافع الذي أزال داء الجسد واعاده الى صحته واعتداله.
7_ مشهد العوض، وهو ما وعده الله سبحانه من تعويض من ترك المحرمات لأجله ونهى نفسه عن هواها وليوازن بين العوض والمعوض، فأيهما كان أولى بالإيثار اختاره وارتضاه لنفسه.

8_ مشهد البلاء والعافية، فان البلاء في الحقيقة ليس إلا الذنوب وعواقبها، والعافية المطلقة هي الطاعات وعواقبها، فأهل البلاء هم أهل المعصية وان عوفيت أبدانهم، وأهل العافية هم أهل الطاعة وان مرضت أبدانهم.

9_ التفكر في الدنيا وسرعة زوالها وقرب انقضائها، فلا يرضى لنفسه ان يتزود منها الى دار بقائه وخلوده أخس ما فيها وأقله نفعا إلا ساقط الهمّة، دنيء المروءة، ميّت القلب، فان حسرته تشتد اذا رأى حقيقة ما تزوّده، وتبين له عدم نفعه له، فكيف اذا كان ترك تزود ما ينفعه الى زاد يُعذّب به ويناله بسببه غاية الألم، بل اذا تزوّد ما ينفعه وترك ما هو أنفع منه له كان ذلك حسرة عليه.


جميع الحقوق محفوظة لـ موقع اقرأ نت © 2013 ليس كل المواضيع خاصة بنا هناك مواضيع منقولة || Privacy-Policy || اتفاقية الاستخدام || إتصل بنا